عزلة قطر تهدد حلمها فى دور إقليمى ريادى

كتب : حُسـَــاام حَاافــــِظ

خلال السنوات القليلة الماضية سعت قطر الدولة الخليجية التى لا يتجاوز عدد سكانها مليونى نسمة، إلى فرض نفسها كقوة إقليمية، مع توسطها فى عددٍ من الأزمات العربية والدولية، إلا أن دعم الدوحة الواضح للقوى الإسلامية ودبلوماسيتها التى تستخدم مواردها المالية الضخمة، أثارا الكثير من الجدل والانتقادات، فيما تلقت مؤخراً ضربة موجعة بقرار السعودية والبحرين والإمارات سحب سفرائها من الدوحة، فى تحرك ينذر بعزلة قطر ويهدد حلمها بلعب دور إقليمى بارز.
وفسرريتشارد سبنسر مراسل شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «تليجراف» البريطانية الخطوة السعودية الإماراتية البحرينية بسحب سفرائها من الدوحة بأنها غير المسبوقة فى الخليج بوصول تلك الدول إلى قناعة بأن الدوحة لا ترغب فى إنهاء دعمها لجماعات تمثل مشروع «الإسلام السياسى» فى المنطقة حتى المتطرف منها، إذ يُعتقد أن قطر تسلح «جبهة النصرة» فى سوريا، و«الحوثيين» فى اليمن، علاوة على دعمها الواضح لـ«الإخوان المسلمين» فى مصر. 
وأضاف أن لقناة «الجزيرة» دوراً كبيراً فى ذلك القرار وسط اتهامات موجهة لها بأنها أصبحت «بوقاً» للإسلاميين وذراعاً للحكومة القطرية بدلاً من أن تكون هيئة إعلامية مستقلة.
ويسود التوتر العلاقات بين قطر والسعودية منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى مع إعلان السلطات السعودية تأييدها القوى للسلطات الجديدة وتقديمها مع الإمارات والكويت دعماً مالياً كبيراً لها. وفى حين حظرت الإمارات جماعة «الإخوان» وتخضعها لمحاكمات، تستعد السعودية لتطبيق قرارات اتخذتها قبل فترة لمعاقبة المنتمين لأحزاب وتيارات عدة بينها تلك المحسوبة على «الإخوان».

وفى إطار سياسة قديمة تقوم على الترويج للذات فى المحافل الدولية، توسطت قطر، التى تعد من أبرز حلفاء الولايات المتحدة، وتمتلك ثالث أكبر احتياطى للغاز عالمياً فى وقت سابق فى نزاعات تمتد من الصومال إلى لبنان وأصبحت طفل الأسر الخليجية الحاكمة المشاغب باستخدامها قناة الجزيرة فى الترويج لوجهات نظر «الإسلاميين».

 ويرى الكاتب أوليفييه دالاج مؤلف كتاب «قطر أسياد اللعبة الجدد» أن «تأثير قطر غير المتناسق مع مساحتها وحجمها، يمكن أن يفسر بالقدرات المالية الضخمة التى تملكها، وبالاختفاء الطويل للقوى التاريخية فى المنطقة».

وقال محللون إن الدوحة رأت فى إقامة تحالف مع الإخوان عبر «دبلوماسية دفتر الشيكات» سبيلاً لإرساء قاعدة إقليمية لنفوذ اقتصادى وسياسى متزايد فى الشرق الأوسط، لكن الهزائم التى لحقت بمقاتلى المعارضة فى سوريا وعزل «مرسى» والفشل فى استضافة محادثات سلام أفغانية كانت مقررة فى يونيو الماضى، بدد أحلام الدوحة فى أن تصبح وسيطاً دولياً ذا ثقل.

وأثار تولى الأمير الشاب تميم بن حمد آل ثانى الحكم فى يونيو الماضى تكهنات بأنه قد يتبنى نهجاً أقل محاباة للإسلاميين مع ابتعاد مهندس السياسة الخارجية القطرية الشيخ حمد بن جاسم الذى كان يتمتع بالحيوية والنفوذ عن وزارة الخارجية لكن مراقبين استبعدوا أى تحولات جذرية فى سياسة البلاد خاصة بعدما أصدرت قطر فى ٢٣ يوليو ٢٠١٣ بياناً عبرت فيه عن قلقها من استمرار التحفظ على مرسى لتصبح الدولة الخليجية العربية الوحيدة التى تعبر صراحة عن التعاطف مع الرئيس المعزول.

وتعرضت قطر لكثير من الانتقاد لدعوتها للتغيير فى مناطق أخرى من العالم العربى وتجاهلها الموضوع نفسه داخلياً. وفى الوقت ذاته، لاتزال علاقات تلك الدولة الصغيرة بالدول الغربية تمثل مزيجاً من الفوضى والتحالف. 
فقطر بحاجة للدعم العسكرى والاستخبارى الغربى لاسيما فيما يتعلق بالأزمة السورية ولكن الغرب ينظر إلى النوايا القطرية بشىء من الشك وانعدام الثقة مع ارتباطها القوى بـ«الإسلاميين».
ويطالب منتقدون قطر بأن تتوخى المزيد من الحذر فى الخارج، وأن تترك دفة القيادة الإقليمية للسعودية، وتركز على أولويات داخلية خاصةً وأن استضافة كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠٢٢ يتطلب منها إجراء إصلاحات اجتماعية وقانونية، خصوصاً فيما يتعلق بحقوق العمالة الوافدة ومسألة إنشاء الملاعب ومشاريع سكنية لإيواء الأعداد الكبيرة من العمال الوافدين.