كتبت : روان حسـام
قال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر، حول تقييمه لدور الدول العربية في مساندة مصر بعد 30 يونيو، إن مصر هي قلب العروبة النابض، وهذا الموقف الانتقالي الذي نعيش فيه يتطلب من كل إنسان وكيان أو دولة تقديم يد العون، والدول العربية قدمت وتقدم ما تستطيع، والمحبة والعطاء متبادل منذ الأزل، "فالأزهر منارة نشر الإسلام الوسطي، وحامل لواء التنوير المعرفي الحقيقي الصحيح البعيد عن الغلو والمغالاة في الدين منذ قرون عدة، والبعيد كل البعد عن أصوات التشرذم، والتشتت، ودعاة الدين بالدنيا، وولا ننسى أن الازهر يحمل مهمة ثقيلة على كتفيه بنشر المعرفة الإسلامية المبسطة دون إسراف أو تقصير في حق الدعوة، كما يحتضن طلابا وافدين من أكثر من 103 دول عربية وإسلامية وأجنبية للتعلم والنهل من علمه وكل الدول يتلاقى طلابها تحت منارة الأزهر، ولذلك كان على الأشقاء العرب واجبا نحو مصر الأزهر، والكنيسة، ووالحضارة، ساندتها ودعمها قدر المستطاع كي لا تسقط".
ووصف عزب، في حواره لصحيفة "السياسة الكويتية" فتاوى التكفير التي تصدر بين الحين والآخر، بأنها " فتاوى تصدر عن أصحاب اللحى والجلابيب القصيرة والذقون الطويلة وليس المشايخ، فالبعض(شيخهم)، يستخدمهم أداة طيعة للنفوذ السياسي، كما رأينا في عهد (الإخوان،) والأزهر الشريف لا يكل ولا يمل من تكرار التأكيد على موقفه الرافض للتكفير وموجاته التي تعتبر خروجا عن العقيدة الإسلامية السمحاء التي نهت عن التكفير، لأنها ليست من الدين في شيء، ولابد من القبول بالتنوع الذي تحدث عنه القرآن الكريم.
وحول دور الأزهر في تطورات المشهد السياسي الراهن، قال عزب: "المشهد السياسي الراهن يشهد تحولات لحظية متسارعة الوتيرة كعادة الفترات الانتقالية والتحولات الديمقراطية وسقوط الأقنعة الفاسدة عن جماعات تلبس رداء الإسلام للاستيلاء على كراسي الحكم والسلطة، ورغم هذا، فالأزهر الشريف لم ولن يكون له دور سياسي، فدوره وطني خالصـ ويفرق بين الدورين جيدا".
وأشار مستشار شيخ الأزهر، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كغيرها، استغلت الأحداث في مصر ولعبت بنار حماية الأقليات، فتولى بيت العائلة المصري الأمر وذاد عن استقلال القرار ووحدة الأمة، وافسد المخطط الاجنبي بهذه الخطوة الاستباقية".
وأضاف عزب، أن الإخوان تطوروا بممارسة العنف من الإرهاب بالسلاح، والبطش، وإلحاق الأذى بالآخرين، حتى وصل الأمر معهم إلى أخطر أنواع العنف والإرهاب عن طريق القتل المعنوي، وممارسة الإرهاب الفكري والعقلي على المصريين، فضلا عن تزوير الحقائق وتشويهها، ويتربصون بكل من يخالفهم في الرأي، حتى من لم يجاهر بالمعصية أو يخرق حدا فاصلا في الدين، أو من لم يتجاوز أصلا من أصول الإسلام.
وعن الدعم الذي يقدمه الأزهر لاستكمال خطوات خارطة المستقبل، قال: "الثورة في نظري كمواطن مصري خالص، تغيير مجتمعي شامل وليست مجرد تغيير نظام الحكم فقط، دون تخطيط جيد للمستقبل الامر الذي كاد أن يدمر مصر بالكامل، الثورة تحتاج فعلا لوقت طويل للنجاح، وستتحقق خطوات خارطة المستقبل بالعمل والصبر وبذل الجهد الدؤوب، والأزهر الشريف يرعى الأغلبية الساحقة في الشارع المصري ويساندها، والثورة بمفهومها الحقيقي يتضح في قوله تعالى: (إن اللَهَ لا يُغَيِرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَى يُغَيِرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)".
وحول إمكانية المصالحة مع "الإخوان"، قال "إجراء المصالحة أو العدالة الانتقالية قبل المصالحة أو ضرورة تحديد الأطراف لكل فئة أو جماعة تعمل على أرض الوطن، وتحاول النهوض به، والإقرار بأن الوطن هو السيد فوق الجميع والكل يعمل من أجل إعلاء رايته وإنجاحه كمجمل وليس لتحقيق أهداف شخصية لجماعة بعينها، وقتها سيكون الحديث عن المصالحات مجديا وواقعيا، ويجب على (الإخوان) البعد عن المصالح الفردية وإثارة النعرات الشقاقية والتحزب، ونبذ العنف، وعدم الزج بعباءة الدين الحنيف في أتون العمل السياسي، أو أن يمتهنوا الدعوة إلى الله دون رداء سياسي".
وأشار عزب، إلى أن حكومة الببلاوي قدمت جهودا كبيرة وتحملت ضغوطا لا طاقة لبشر بها، وتحملت مسؤولية مصر في فترة صعبة للغاية من تاريخها المعاصر، والدكتور الببلاوي يريد أن يستريح من عناء المسؤولية، و"أرى أن المهندس إبراهيم محلب ورث تركة كبيرة، وعلى كتفيه هموم عظام، ومسؤوليات جسام، على رأسها الملفان الأمني والاقتصادي، وضرورة إحداث تنمية شاملة، وهي أمور ليست بالبسيطة، ونتمنى له التوفيق ولمصرنا الرفعة والازدهار".
ليست هناك تعليقات :